الرئيسية الحركات الليبرالية والقومية في اوربا في القرن التاسع عشر – الجزء الثاني

الحركات الليبرالية والقومية في اوربا في القرن التاسع عشر – الجزء الثاني



الحركات الليبرالية والقومية في اوربا في القرن التاسع عشر – الجزء الثاني

2. كفاح الحركات الليبرالية و القومية ضد مقررات مؤتمر فيينا (1871-1815)
2.1. اجتاحت اوربا في الفترة (1848-1815) حركات ليبرالية و قومية تمخضت عن استقلال اليونان و بلجيكا و القضاء على الحكم المطلق في فرنسا
-ثورات 1830:
 اثارت مقررات مؤتمر فيينا المعادية للحرية و القومية معارضة الشعوب الاوربية (بجميع فئتها) المتضررة من عودة الأنظمة القديمة، وخاصة الطبقة البورجوازية. اذ ان الثورة الفرنسية و المرحلة النابليونية كانتا قد اوجدتا
الظروف المواتية لوقوع تحولات اقتصادية عميقة، بلغ معها النظام الرأسمالي مستوى من النمو استلزم القضاء على الأنظمة الفيودالية التي أضحت عرقلة في \ريق التقدم. وواضح الامر كان يقتضي مواجهة مقررات مؤتمر فيينا، مجسدة في دول الحلف المقدس تتقدمها النمسا، لذا اضطرت البورجوازية الى القيام بعدة ثورات لتغير الأوضاع لصالحها، اكتست اما طابعا ليبراليا او قوميا او كليهما.
اجتاحت اوربا (خاصة المانيا و إيطاليا و اسبانيا) بعد سنة 1815 موجة من الثورات استهدفت الغاء مفعول مقررات مؤتمر فيينا انتهى جلها بالفشل نظرا لشدة قمع الأنظمة المحافظة.
-ثورة اليونان(1821):
  اتخذت طابعا قوميا حيث استهدفت الاستقلال عن الاتراك. ولقيت هذه الثورة مساندة الدول الاروبية (إنجلترا، فرنسا، روسيا) التي استطاعت تحطيم الاسطول العثماني-المصري في معركة نافارين سنة 1827، مما اضطر محمود الثاني (1814-1824) الى الاعتراف باستقلال اليونان على مراحل: استقلال داخلي (ذاتي) سنة 1829 ثم استقلال تام سنة 1832 
-الثورة الباريسية:
 تعود أسباب هذه الثورة الى مقررات مؤتمر فيينا (1815) التي جاءت معارضة لمبادئ الليبرالية و المبادئ القومية، حيث ان الدول الاروبية الكبرى اعادت اسرة البورجوازية حمكها دون استشارة الفرنسين، وهكذا وقد استعاد لويس الثامن عشر سيطرته على فرنسا حيث استطاع استعادة مجموعة من الامتيازات التي كانت الطبقة الارستقراطية تتمتع بها قبل الثورة الفرنسية. وقد تزايدت  امتيازات هذه الطبقة مع اعتلاء شارل العاشر العرش (1824-1830)، حيث اتسمت سياسته بالتطرف عن مبادئ الليبرالية. قد تبين ذلك من خلال تعينه لبولينياك كرئيس للوزراء واصداره لأربعة مراسيم عرفت بمراسيم سان كلو يوم 25 يوليوز. وهكذا اندلعت ثورة دامية استمرت ثلاثة أيام 27 و 28 و29 يوليوز 1830، عرفت بالأيام المجيدة، استولى خلالها الثوار على العاصمة فتشكلت حكومة مؤقت أسندت التاج الى لويس فليب (دوق اورليان). من هنا فان هذه الثورة اتخذت طابعين: قومي ولبرالي. كما انها كانت حافزة للقيام بثورات أخرى في بلدان متعددة كبلجيكا و بولونيا.
-ثورة  بلجيكا (بروكسيل):
 على اثر احتلال هولندا لبلجيكا، اندلعت ثورة في 25 غشت 1830 التي انطلقت من بروكسيل لتعم كافة التراب البلجيكي. وقد ترتب عنها الإعلان عن قيام  الدولة البلجيكية في 14 أكتوبر 1830.
ثورة بولونيا:
 على اثر تقسيم بولونيا بين كل من روسيا وبروسيا، اندلعت ثورة اتخذت طابعا قوميا غير انها لم تستطيع تحقيق استقلال بولونيا، اذ استطاعت روسيا استرجاع سيطرتها على البلاد في شتنبر 1831.
ثورة إيطاليا و المانيا:
 طلب الاحرار في الولايات الإيطالية المستقلة بإقامة نظام دستوري، بينما نادى الاحرار بألمانيا بتوحيد البلاد، غير ان تدخل نظام مترنيخ اسكت هذه الحركات، والغى جميع المظاهرات الليبرالية و أوقف جرائد المعارضة، فمنع التجمعات، وشدد المراقبة عليها الامر الذي ارغمها على اللجوء الى العمل السري و الهجرة.
ثورات 1848:
 عمت اوربا ابتداء من سنة 1846 ازمة اقتصادية أدت الى اندلاع عدة ثورات خاصة في الجهة الغربية لاوربا من بينها:

ثورة فرنسا:
 نميز بين ثورتين: ثورة فبراير 1848 و التي اندلعت على اثر استياء الأحزاب السياسية من حكم لويس فيليب، حيث اعلن عن قيام الجمهورية الثانية التي تراسها لويس بلان، و ضمت الى جانب البورجوازية ممثلين عن العمال. واتخذت هذه الحكومة الجديدة عدة إجراءات اتخذت طابعا اشتراكيا. ثورة يونيو 1848: اندلعت على إثر اقصاء البورجوازية لممثلي العمال والغاء إصلاحات حكومة لويس بلان. فقد ستطاع الجنرال كافينياك بقمع شديد للثوار، فسقط الاف الضحايا من العمال، والحق اخرون بالأشغال العامة او بالخدمة العسكرية، كما فتحت أبواب الهجرة نحو الجزائر. وكان من نتائج الثورتين صعود لويس نابليون الى الحكم وإقامة إمبراطورية يسود بها الحكم المطلق.
الثورة النمساوية:
 اتخذت هذه الثورة طابعا ليبراليا، حيث نادى الاحرار بإقامة نظام او حكم ليبرالي، حيث طلبت القوميات التي ضمتها بحقها في تقرير مصيرها كالقومية السلافية والقومية الهنغاريا. غير ان الحكومة النمساوية تمكنت من اخمادها.
الثورة الايطالية:
 تأسست على اثر الثورة الإيطالية جمهورية روما على انقاض ممتلكات البابا و أصبحت معظم الامارات الإيطالية تتمتع بدساتير ليبرالية، ودخل ملك البييمونت في مواجهة مفتوحة ضد النمسا. ا ما في المانيا فقد قبل معظم امراء الولايات الألمانية بالإصلاحات الدستورية، لكنهم اختلفوا في صيغة الوحدة، بين من نادى بألمانيا الكبرى تضمم النمسا أيضا، وبين مناصري المانيا الصغرى بزعامة بروسيا من غير النمسا. لكن تدخل الجيش النمساوي أعاد الأوضاع الى ما كانت عليه قبل الثورة، كما تدخلت فرنسا و اعادت البابا الى مملكته. و احتفظت البييمونت و بروسيا بوضعها المتميز اقتصاديا و سياسيا، مما جعلهما محط امال شعوبهما في الاستقلال و الوحدة.
2.2. تأسست الدولة القومية في إيطاليا و المانيا بفضل القيادة الناجحة لكل من البييمونت و بروسيا
الوحدة الايطالية:
 كانت إيطاليا في منتصف القرن 19 مجزئة  سياسيا الى سبع ولايات (ثلاثة مستقلة و أربعة توجد تحث النفوذ النمساوي) و قد شكلت هذه التجزئة عائقا امام تحقيق مطامح البورجوازية وباقي فئات عامة الشعب سواء كان الامر يتعلق بالطموحات الاقتصادية او السياسية. استطاعت مملكة البييمونت كعكس باقي الولايات ان تحقق نهضة اقتصادية بفضل تبنها للنظام الرأسمالي، و أخرى سياسية بفضل تبنها للملكية الدستورية 1848 وعلى راسها الملك فيكتور امانويل. وهذا ما جعل امال الايطالين نحو الوحدة تتوجه الى هذه المملكة خصوصا بعد تولي كافور منصب الوزير الأول منذ 1852 والذي كان يشاطر تطلعات فيئات البورجوازية. و هكذا وبفضل الانتفاضات الشعبية  ونتائج الاستفتاءات الشعبية استطاع كافور ضم وتوحيد الولايات الإيطالية خلال الفترة الممتدة من 1859 الى 1870.
 الوحدة الألمانية:
 ساهمت مجموعة من العوامل من تحقيق الوحدة السياسية الألمانية من أهمها:
- تحقيق بروسيا لنمو اقتصادي ساهم في نمو فئة البورجوازية الصناعية التي رأت في الوحدة  مطمحا لتحقيق قفزة اقتصادية اكبر.
- تولي بسمارك منصب الوزير الأول 1862 الذي كان يطمح الى توسيع نمو بروسيا و تحقيق الوحدة الألمانية. وهكذا فقد نهج بسمارك سياسة اصطلح عليها بسياسة الحديد و الدم - مستفيدا من ثورات 1830 و 1848- وتعتمد على: كسب ثقة و مساندة ملك بروسيا وتقوية الجانب العسكري وتكوين تحالفات عسكرية مع دول اوربية ضد دول أخرى وجر الخصوم الى معارك خاسرة. وهكذا فقد استطاع بسمارك بفضل هذه السياسة تحقيق الوحدة الألمانية حيث نادى بقيام الدولة الاتحادية الألمانية.

الحركات الليبرالية والقومية في اوربا في القرن التاسع عشر – الجزء الاول


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الصفحات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.