الرئيسية المغرب في مطلع القرن العشرين: الأوضاع الداخلية و الاتجاه نحو فرض الحماية – الجزء الاول

المغرب في مطلع القرن العشرين: الأوضاع الداخلية و الاتجاه نحو فرض الحماية – الجزء الاول




مقدمة:
اتسمت مرحلتا حكم مولاي عبد العزيز ومولاي عبد الحفيظ بتعميق الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في المعرب. وساهمت الدول الأجنبية بقسط وافر في تلك الازمات، التي افضت بالمغرب، على الرغم من المحاولات الإصلاحية المتتالية التي قام بها، الى السقوط تحت الحماية الفرنسية و الاسبانية. ولم تتمكن فرنسا واسبانيا من بلوغ اهدافهما الابعد سلسلة من التسويات و المؤتمرات التي تفاهمت خلالها الدول الاستعمارية فيما بينها لتقرير مصير المغرب. غير ان فرنسا واسبانيا اضطرتا الى مواجهة المقاومة المغربية التي رفضت الرضوخ لإدارة سلطات الاحتلال رفضا عنيفا.
( اضطراب أحوال المغرب وتدويل المسالة المغربية (1900-1906
1.1. واجهت المولى عبد العزيز مشاكل ضخمة تجاوزت حدود تجربته المتواضعة في الحكم

بعد وفاة المولى الحسن الأول سنة 1894، استبد احمد بن موسى المعروف ب "اباحماد" على جهاز الدولة المركزية، وتابع سياسة مولاي الحسن الحازمة حتى وفاته سنة 1900، فوجد السلطان مولاي عبد العزيز (الذي لم لكن يتجاوز عمره عندئذ 22 عاما) نفسه منفردا امام مسؤولية تسيير دولة لا حصر لمشاكلها الداخلية والخارجية، تلك المشاكل التي تراكمت طوال عشرات السنين.
وقد استغلت الدول الأوربية وعلى راسها فرنسا ضعف تجرية المولى عبد العزيز السياسية وميوله الى مظاهر الحضارة الاوربية وانتشار الطمع لذا حاشيته و الصراعات الداخلية المتمثلة في محاولة القبائل المغربية الاستقلال عن جهاز المخزن وبالإضافة الى وجود ثغرات في المعاهدات السابقة و المتمثلة أساسا في عدم رسم الحدود بين المغرب و الجزائر والتي استغلتها فرنسا لفرض المزيد من الضغوط المتمثلة في انتزاع اعتراف مغربي حول احتلالها لكل من توات وتيد كلت وكوارة (احتلها ما بين 1899-1900)، وهكذا وقعت معاهدة بين الطرفين سنة 1901 بباريس تهم الاعتراف الرسمي المغربي.
اما هذه الوضعية اضطر المولى عبد العزيز بوحي من إنجلترا إقامة مجموعة من الإصلاحات همت المجال الإداري والمجال الجبائي.
المجال الإداري:
احداث مجلس للوزراء (الجمع) للنظر في القضايا التي تهم المغرب والمصادقة على اقتراحات الحلول بشكل جماعي، ومحاولة القضاء على الغش بفرض يمين الخدمة على الموظفين ذوي المرتبات القارة.
المجال الجبائي:
الغاء كل الضرائب الشرعية و الغير الشرعية السابقة وتعويضها بضريبة سنوية (الترتيب) عممت على المغاربة بمن فيهم المعفيون من أداء الضرائب والمحميون و كذلك التجار الأجانب، وقد لقيت هذه الضريبة معارضة قوية أدت الى فقدان المغرب لمدخوله الضريبي مدة سنتين، مما زاد في تأزم الأوضاع المالية.
1.2. زادت حركة المدعو بحمارة في تأزم أوضاع المغرب
استغل بوحمارة اضطراب الأوضاع السياسية المضطربة، فادعى انه هو مولاي امحمد، الابن الأكبر للسلطان مولاي الحسن، قام ليخلص اخاه الأصغر من قبضة النصارى ويحرر البلاد التي استولوا عليها، فبايعته القبائل الواقعة بين فاس وتازة صيف 1902. ومن عاصمته تازة، دعا الى الجهاد ومقاطعة الترتيب، فانضمت الى دعوته كافة قبائل المغرب الشرقي والريف، واستولى على قصبة فرخانة ووجدة، وبذلك اصبح على اتصال مباشر مع السلطات الاسبانية في مليلية، ومع السلطات الفرنسية في الجزائر.
وقد تطلب اصلاح الأوضاع المالية و مواجهة ثورة بوحمارة مبالغ مالية ضخمة جرت المخزن الى دوامة الاقتراض من الدول الاوربية. و بعد ان استنزف كل المحاولات لتوفير هذه الأموال قام المخزن ببيع جزء من اسطوله البحري بثمن بخسة (البشير والحسني).
وهكذا ساهمت حركة المدعو بوحمارة في خلق البلبلة وفي نشر الفوضى في كل ارجاء المغرب، وفي اضعاف هيبة المخزن العزيزي. ثم انهارت المؤسسة العسكرية، وتحول عساكر المحلة المخزنية الموجهة لمحاربة بوحمارة الى عناصر تنشر الفوضى بما كانوا يقترفونه من النهب والسلب وهتك الاعراض في قبائل المغرب الشرقي والريف.
 وزاد من تفاقم هذه الوضعية عجز السلطان المولى عبد العزيز عن مواجهة الموقف ، في وقت اشتد فيه عزم الدول الامبريالية انهاء استقلال المغرب.

1.3. عقدت الدول الاوربية عدة اتفاقيات استهدفت فض النزاع بينها وتحديد مصير المغرب
حاولت فرنسا الانفراد باحتلال المغرب فعقدت لذلك سلسلة من اتفاقيات تبادل المصالح مع كل من إيطاليا (1902) وانجلترا (1904) واسبانيا (1904). وقد اثارت هذه الاتفاقيات خصوصا الاتفاق الأخير مخاوف السلطان المولى عبد العزيز، فبادر الى اتخاذ عدت إجراءات أهمها عزل الوزراء الذين نصحوه بالاعتماد على الاوربيين وتعويضهم بشخصيات اعترضت على التعامل مع الاوربيين، وكذلك عزل النائب السلطاني محمد الطريس (طنجة) وتعوضه بعبد السلام التازي. وبالإضافة الى هذا، قام بإرسال سفارة المقري الى كل من لندن و باريس ومدريد للاحتجاج على سياسة فرنسا في المغرب، ثم الى مصر لإجراء اتصالات مع مؤيدي حركة الجامعة الإسلامية للتشاور معهم في إمكانات اصلاح أحوال المغرب دون الاعتماد على الاوربيين.
امام هذه الإجراءات، اضطرت فرنسا الى منح المغرب قرض اخر (سنة 1904) وبعث سفارة الى فاس سنة 1905 لعرض برنامج إصلاحي والضغط على السلطان لقبوله.
وقد اتخذ المخزن موقفا صارما ضد هذا البرنامج الإصلاحي خصوصا وان هذا الموقف لقي دعما من القوى السياسية المغربية (ممثلوا القبائل و المدن في مجلس الاعيان) من جهة، ومن جهة ثانية المانيا التي رات في الاتفاقيات التي عقدتها فرنسا ضربا لمصالحها في المغرب، فسارعت الى تعضيد علاقتها مع المغرب (زيارة الامبراطور الألماني كيوم الثاني لطنجة  31 مارس 1905 واعلانه استقلال المغرب ودعوته الى عقد مؤتمر دولي). وهكذا ازدادت حدة التوتر بين المغرب و الدول الاوربية خصوصا عند اقدام الريسوني على ضرب مصالح الأجانب بالمغرب، بل واختطافهم فكان رد فعل فرنسا والولايات المتحدة الامريكية و إنجلترا ان بعثت ببوارجها الحربية الى المياه المغربية. و اما المخزن فقد عمل على تعين الريسوني عاملا على المناطق المحيطة بطنجة بهدف التحرر من محاربة بوحمارة.
1.4. جعلت مقرارات مؤتمر الجزيرة الخضراء المغرب محمية من طرف فرنسا واسبانيا
افضى الصراع الفرنسي الألماني حول المغرب الى انعقاد مؤتمر في الجزيرة الخضراء شارك فيه الى جانب المغرب 12 دولة (نفس الدول التي شاركت في مؤتمر مدريد)، وقد خرج هذا المؤتمر باتفاقية ضمنت 123 بند:
+ البنود من 1 الى 12 تضمنت تشكيل تنظيم بوليسي في الموانئ االمفتوحة يكون تحت اشراف وقيادة ضباط فرنسا واسبانيا
+ البنود من 13 الى 30 تتحدث عن منع تهريب الأسلحة واستهدف من ذلك حرمان القبائل المعادية للتدخل الأجنبي من التسليح
+ البنود من 31 الى 58 فهي عن تأسيس البنك المخزني المغربي براسمال مشترك بين فرنسا وانجلترا واسبانيا وألمانيا ودول أخرى مهمته الى جانب القروض اصدار سندات الحكومة (الأوراق النقدية)
+ البنود من 59 الى 76 فهي عن رفع الرسوم الجمركية الى 12 بالمائة بدل 10 بالمائة وخاصة لنفقات الاشغال العمومية.
+ البنود من 77 الى 104 تخص التأكيد على مبدا المساوات بين الدول في الاستيراد والتصدير وضفاء طابع المشروعية مع الخارج.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الصفحات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.